الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم ..
اخوتي و أخواتي القراء الكرام .. سلام الله عليكم و رحمته و بركاته ،،
يقول الله تعالى:
{إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما }
قضاء حوائج الناس وتفريج كرباتهم
هنا دعوة لمواسم يومية في
قضاء حوائج الناس
وتفريج كرباتهم
-إن بعض الناس يتأفف من لجوء الناس إليه لقضاء حوائجهم
خاصة إذا كان ذا وجاهة أو سعة من المال .
- ولا يدري أن من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ،
وأن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه .
- فلئن تقضي لأخيك حاجة كأن تعلمه أو ترشده أو تحمله أو تقرضه
أو تشفع له في خير أفضل عند الله من ثواب اعتكافك شهرا كاملا.
- فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( أحب الناس إلى الله أنفعهم ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور
تدخله على مسلم ، أو تكشف عنه كربة ، أو تقضي عنه دينا ، أو تطرد عنه جوعا ،
ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليّ من أن اعتكف في المسجد شهرا
ومن كف غضبه ستر الله عورته ، ومن كظم غيظا ، ولو شاء أن يمضيه أمضاه
ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة ، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام ، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل )
رواه الطبراني في الكبير ، وابن أبي الدنيا وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة .
- إن مجرد أن تقضي لأخيك حاجة قد لايستغرق أداؤها أحيانا نصف ساعة
فإنه يسجل لك بها ثواب اعتكاف شهر واحد ، فتخيل لو أردت اعتكاف شهر كامل
كم ستحتاج من مجاهدة للنفس بتعطيل أعمالك الخاصة ،
وبقائك حبيس المسجد ثلاثين يوما إما ذاكرا لله أو ساجدا أو قارئا للقرآن ؟
- ولكن خلال دقائق معدودة تنجز فيها لأخيك حاجته
أو تسعى فيها لأرملة يسجل في صحيفتك كأنك اعتكفت سنوات عديدة .
- فكم سنة لم تحييها في الواقع سيسجل لك ثوابها إذا سخرت جزءا من وقتك لخدمة إخوانك المسملين ؟.
- فاحرص يا أخي على قضاء حوائح المسلمين ولا سيما من تصيبهم الحروب
والكوارث ولا تدعهم عرضة لفتن المنظمات المعادية للإسلام كالصليبية
التي تتسابق فيما بينها على تقديم المساعدات الإنسانية لأولئك المنكوبين ،
وذلك لتكسب ودهم وتستدرجهم إلى دينها ، تحت وطأة الجوع والمرض والحاجة ،
وعليك أن تتعلم حسن مساعدة الناس وقضاء حوائجهم وليس فن التفلت من ذلك.
- واعلم أنه كلما كانت العبادة يتعدى نفعها إلى غيرك كان أجرها أعظم إذا احتسبتها عند الله .
* أمثلة من السلف في حرصهم على قضاء حوائج الناس :
1-كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يحلب للحي أغنامهم ، فلما استُخلف قالت جارية منهم :
الآن لا يحلبها ، فقال أبو بكر : بلى وإني لأرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه عن شيء كنت أفعله .
2- وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتعاهد بعض الأرامل فيسقي لهن الماء بالليل .
ورآه طلحة بالليل يدخل بيت امرأة . فدخل إليها طلحة نهارا فإذا عجوزا عمياء مقعدة ،
فسألها : ما يصنع هذا الرجل عندك؟ قالت : هذا له منذ كذا وكذا يتعاهدني ،
يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى . فقال طلحة : ثكلتك أمك يا طلحة ، عثرات عمر تتيع؟!.
3- وكان أبو وائل يطوف على نساء الحي وعجائزهم كل يوم فيشتري لهن حوائجهن وما يصلحهن .
4- وقال مجاهد : صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه فكان يخدمني أكثر .
5- وكان حكيم بن حزام يحزن على اليوم الذي لا يجد فيه محتاجا ليقضي له حاجته .
فيقول : ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة ،
إلا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها وإذا علمت أخي المسلم
أن هذا الثواب العظيم كله لمن يخدم أخاه المسلم وهو له سنة فاضلة .
فكيف بمن يكون في خدمة والديه وفي قضاء حوائجهما وهو أمر واجب عليه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة............".ٳلى آخر الحديث
الشرح:
قال الٳمام النووي: قوله صلى الله عليه وسلم : " من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة." فيه دليل على استحباب خلاص الأسير من أيدي الكفار بمال يعطيه، وعلى تخليص المسلم من أيدي الظلمة، وخلاصه من السجن ، ويدخل في هذا الباب الضمان عن المعسر ، والكفالة ببدنه لمن هو قادر عليه ، أما العاجز فلا ينبغي له ذلك .
فٳن قيل : قال الله تعالى : " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ".. الأنعام : 160
وهذا الحديث يدل على أن الحسنة بمثلها لأنها قوبلت بتنفيس كربة واحدة ولم تقابل بعشر كرب يوم القيامة ، فجوابه من وجهين:
( أحدهما) : أن هذا من باب مفهوم العدد ، والحكم المعلق بعدد لا يدل على نفي الزيادة والنقصان.
(والثاني) : أن كل كربة من كرب يوم القيامة تشتمل على أهوال كثيرة، وأحوال صعبة ، ومخاوف جمة، وتلك الأهوال تزيدعلى العشرة وأضعافها.
وفي الحديث سر آخر مكتوم يظهر بطريق اللازم للملزوم ، وذلك أن فيه وعدا بٳخبار الصادق صلى الله عليه وسلم أن :من نفس الكربة عن المسلم يختم له بخير . ويموت على الٳسلام لأن الكافر لا يرحم في دار الآخرة ولا ينفس عنه من كربه شئ ، ففي الحديث ٳشارة ٳلى بشارة ، تضمنتها العبارة الواردة عن صاحب الأمارة ، فبهذا الوعد العظيم فليثق الواثقون ( ولمثل هذا فليعمل العاملون).. الصافات: 61
فأفضل الأعمال تنفيس الكرب.
وفي الحديث دليل على استحباب ستر المسلم ٳذا اطلع عليه أنه عمل فاحشة ،
قال الله تعالى:" ٳن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة).. النور: 19
والمستحب للأنسان أذا اقترف ذنبا أن يستر على نفسه،
وأما شهود الزنا فاختلف فيهم على وجهين : أحدهما يستحب لهم الستر ، والثاني الشهادة، وفصل بعضهم فقال: ٳن رأوا مصلحة في الشهادة شهدوا او في الستر ستروا
المصدر : كتاب شرح الأربعين النووية
</SPAN></SPAN>