خديجة والغراب
خديجة بنت علي العطار..طار اسمها شعاعا في كل حقل وجرن ودار..فرح بها زوجها الشيخ أحمد ،وابنها الشيخ عبد المنعم وحفيدها الشيخ محمد وأبوها "علي" الذي رقآها من كل عين رأتها ولم تصل على النبي،وسيدنا العمدة الشبراوي أهداها " جرة "جبنة قديمة هدية من الدوار جائزة على شجاعتها .
ووعدها بتذكرة هي وزوجها في حفلة "أم كلثوم " بنت المحافظة لأنها أصبحت لا تقل عنها شهرة..بل أقسم أنها تزيد عليها في الشجاعة والذكاء.
لماذا كل هذا؟؟
عملت أيه بنت العطار؟
اجتمع الصغار في باحة الدار،والتفوا حول جدتهم أم خديجة "جُووهرة "وحلفت ماتقولهم أي حاجة إلا إذا اشتروا لها حلاوة طحينية بالمكسرات من عند "مأمون الوحلان "؛ لأن قصة خديجة مع الغراب تستحق أكتر من هذا وأنتم رأيتم العمدة ماذا فعل لها ..استجاب الأطفال( بنون وبنات) واشتروا المطلوب ،وزادوا عليه باكو نعناع مستورد.أكلت جوهرة الحلاوة وسمت وصلت على النبي واستباركت بأولياء الله الصالحين وحكت قصة بنتها خديجة مع الغراب.......
كانت خديجة لا زالت في عز شبابها ..الحنة في كفوفها ورجليها دائما لكنها كانت محتشمة وشخصيتها قوية ،ومؤثرة بما تملك من ذكاء فطري ،وملكات ومواهب..
سرحت الغيط بنشاط ومعها غداؤها خبز وجبنة قريش
وقفت على رأس الحقل والفأس أمامها ..كان عليها أن تجهز الأرض للزرعة الجديدة فلا يوجد غيرها يفهم في الفلاحة (زوجها شيخ ضرير يمتهن السهرات القرآنية والموالد والذكر، وابنها الوحيد لايفارق أبيه لأنه يجهزه لخلافته ، وأجرة أنفار الزراعة غالية عليهم.
اطمأنت أن غذاءها تحت الشجرة في أمان ،مع ( قُلَّةِ ) الماء ومضت في عملها الشاق ،ولم تدر أن الغراب كان ينتظر ابتعادها وانقض على "الغدا " ولم يفارقه إلا بعد أن أكل كل الجبن ،وأطاح بقلة الماء فأفسد الخبز والمكان ،عادت خديجة لتشرب وتستريح قليلا فوجدت قُوتَها منهوبا وماءها مقلوبا ..كتمت صرخة والتفتتْ تبحث عن الجاني فلم تجد أحدا ولم تعرف عنه شيئا ..هزت رأسها وسلمت أمرها إلى الله..وفي اليوم الثاني والثالث حصل نفس الشيء من نفس الغراب في نفس المكان لكنها لمحته وعرفته وأقسمت لتمسكن به حيا وستجعله يدفع ثمن ما فعل غاليا ،والناس حولها تسمع وتستبعد لما يعرفون عن الغراب من (خفة حركة ،وحذر ، وسرعة انطلاق ).
في اليوم الرابع وضعت جبنا أكثر وماء أقل ،وغطت نفسها بخيش وتكومت بجوار الطعام كأنها ساجدة ،وفرضت على نفسها السكون التام مركزة عينيها من أسفل الغطاء على مسرح المشهد المنتظر
نزل الغراب ..خطا حذرا يطبع تراب الأرض بنقش أصابعه..اقترب كطاووس.حتى أصبح في متناول يديها .لم تمهله وطرحت فوقه غطاءها من الخيش ونجحت في صيده ..حاول التخلص منها بطعن يديها بمخالبه ومنقاره وصوته المرعب المخيف ..أسال دمها ..لم تهتم ..شددت قبضتها على رجليه..رفعته منكسا إلى أعلى وهويضرب بجناحيه ويستغيث بصوته الغبي المنفر..ضحكت والناس من حولها تستغرب وتضرب كفا بكف..تركتهم يعجبون ويضحكون وراحت ألى سارية التليفونات وربطته حيا يملأ الدنيا صياحا وعويلا وعادت هي إلى طعامها تأكل وتشرب مستمتعة بالمشهد العجيب غير آبهة بالناس وهم يتداولون سيرتها وقصتها مع الغراب..
وأعتقد أنها ظلت جزءا من ضمن حكايا الجدات للأحفاد ،ونموذجا يُتغنى به.. وظل الغراب معلقا كفزاعة لغيره من الغربان.
وها أنذا حفيدها أسجلها لأولادي وأحفادي فخورا بستي " خديجة علي العطاار" ....
-
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]