أحلى الحكايات من كتاب الأذكياء
لابن الجوزي
من فطنة ونباهة العوام
· صلّى بعض الشطّار خلف رجل , فلما قرأ أرتج عليه ,
فلم يدر ما يقول , فجعل يقول :
" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :, يردّد ذلك مرارا , فقال الشاطر من خلفه :
ما للشيطان ذنب إلا أنك ما تحسن تقرأ .
· حكى جعفر البرني قال :
مررت بسائل على الجسر وهو يقول : مسكينا ضريرا ,
فدفعت إليه قطعة و قلت : يا هذا لما نصبت ؟
قال : فديتك بإضمار (ارحموا) .
· روى سعيد بن يحيى الأموي عن أبيه قال :
كان فتيان من قريش يرمون ,
فرمى منهم رجل من ولد أبي بكر وطلحة فأصاب فقال : أنا ابن القرنين .
فرمى آخر من ولد عثمان فأصاب , فقال : أنا ابن الشهيد .
و رمى رجل من الموالي فأصاب , فقال : أنا ابن من سجدت له الملائكة .
فقالوا : من هو؟ فقال: آدم .
· شكا أصحاب هاشم إلى أسلم بن الأحنف احتباس أرزاقهم , فدخل على هاشم , فقال :
يا أمير المؤمنين , لو أن مناديا نادى: " يا مفلس " ما بقي أحد من أصحابك إلا التفت .
فضحك, وأمر بصلة أرزاقهم .
· وحدثنا أبو الحسن المدايني : قال بعض العلماء :
كان لنا صديق من أهل البصرة , وكان ظريفا أديبا ,
فوعدنا أن يدعونا إلى منزله , فكان يمرّ بنا , فكلما رأيناه قلنا :
{ متى هذا الوعد إن كنتم صادقين } .
فيسكت , إلى أن اجتمع ما يريده , فمرّ بنا , فأعدنا عليه القول فقال :
{ انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } .
· تظلّم أهل الكوفة من عاملها إلى المأمون , فقال : ما علمت من عمّالي أعدل منه .
فقال رجل من القوم : يا أمير المؤمنين , فقد لزمك أن تجعل لسائر البلدان نصيبا من عدله
حتى تكون قد ساويت بين رعاياك في حسن النظر, فأما نحن , فلا تخصنا منه بأكثر من ثلاث سنين .
فضحك المأمون , وأمر بصرفه .
· قال يموت بن المزرع : قال لي سهل بن صدقة يوما , وكانت بيننا مداعبة : ضربك الله باسمك .
فقلت له مسرعا : أحوجك الله إلى اسم أبيك .
· مرّ رجل من الأذكياء برجل قائم في الطريق فقال : ما وقوفك ؟
قال : أنتظر أنسانا .
فقال : يطول قيامك إذن .
· تزوّج أعمى امرأة , فقالت له :
لو رأيت حسنى وبياضي لعجبت .
فقال : لو كنت كما تقولين ما تركك لي البصراء .
· كان رجل بدار باجرة , وكان خشب السقف يتفرقع كثيرا ,
فلما جاء رب الدار يطالبه بالأجرة قال له :
أصلح هذا السقف , فانه يتفرقع .
قال : لا بأس عليك انه يسبّح الله .
قال : أخشى أن تدركه الرأفة فيسجد .
· دخل مخنّث على العريان بن هيثم , وهو أمير بالكوفة , فقال :
يا عدو الله , أتتخنث وأنت شيخ .
فقال : مكذوب عليّ كما كذب على أمير المؤمنين أعزه الله .
فاستوى جالسا وقال: ما قيل فيّ ؟
قال: يسمّونك العريان , وأنت صاحب عشرين جبّة .
فضحك وخلّى سبيله .
· رمى رجل عصفورا فأخطأه , فقال له رجل أحسنت .
فغضب و قال : أتهزأ بي ؟
قال : لا , ولكن أحسنت إلى العصفور.
· دخل رجل ذكي إلى المسجد يصلي , فسرقوا نعله ,
فتركوها في كنيسة بجوار المسجد ,
فجعل يفتش عليها , فرآها في الكنيسة فقال :
ويحك, لمّا أسلمت أنا ننصّرت أنت !
· قال بعض الأذكياء : إذا رأيت رجلا في صلاة الغداة على باب داره ,
وهو يقول :
{ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى } ,
فاعلم أن في جواره وليمة لم يدع إليها .
و إذا رأيت قوما يخرجون من مجلس القاضي وهم يقولون :
{ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا } ,
فاعلم أن شهادتهم لم تقبل.
و إذا تزوّج الرجل, فسئل عن حاله , فان قال :
ما رغبنا إلا في الإصلاح , فاعلم أن زوجته قبيحة .
· قال الشيخ : حكي لنا أن بعض الناس ضاف رجلا ,
فانتبه صاحب الدار بالليل , فسمع ضحك الرجل من الغرفة , فصاح به : فلان :
قال : لبّيك .
قال : أنت كنت في الدار, فما الذي رقاك إلى الغرفة ؟
قال : تدحرجت .
قال : الناس يتدحرجون من فوق إلى أسفل , فكيف تدحرجت أنت من أسفل غالى فوق ؟
قال : فمن هذا أضحك .
· قال رجل لرجل :
إن لطمتك لأبلغن بك المدينة .
فقال له : أحب أن تردفها بأخرى لعلّ الله تعالى أن يرزقني الحج على يديك .
· رؤي فقير في قرية فقيل له : ما تصنع ؟ فقال :
ما صنع موسى والخضر عليهما السلام . يعني :
{ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا }
· وسئل بعض السوقة عن سوقهم, فقال :
مثل سوق الجنة . يعني أنه : لا بيع فيه ولا شراء .