ابن النيل
عدد المساهمات : 127 تاريخ التسجيل : 05/12/2009
| موضوع: المُـعلقة الأحد يوليو 17, 2011 2:18 pm | |
|
تيقَّظ في الصُّبح بلا داعي، كأنَّ هناك أمرًا يدعوه فنبَّه فيه الجوارح والحواس، فخرَج عن المألوف فِعْله .
همَّ ناحية باب الشقة الذي كثيرًا ما يُخرجه عن شعوره حين التعامل معه، هبَط درجات السُّلم الكثيرة القوية الصلدة، والفانية المتآكلة، التي صَعِدت معه أيام فرحٍ، وهبَطت معه أيام أسًى، ورُبما العكس.
استقلَّ سيارة الأجرة (التاكسي) هي الأخرى على غير عادة، لَم يعبأ بما يَطلبه السائق لقاء الوصول، وصَل إلى مقر الجامعة، دلَف ناحية إعلان النتائج، ألْفَى مجموعة من الأتراب يتهافتون على الوصول إلى أسمائهم التائهة عنهم، عثَر على اسمه كأنها أوَّل مرة يتعرَّف إليه؛ انطلَق مسرعًا ولَم يودِّع مَن ألِفَهم من أتراب، استقلَّ الأجرة ثانية، نزَل يتخبَّط ويتعثَّر في كلِّ مَن يلتقي به، يعتذر سريعًا، يتمنَّى لو يبتسم في وجه الجميع، يصعد درجات السُّلم المألوفة، يتمنَّى لو تنتهي، يتذكر أنها كثيرة، يعتزم قطْعَ ثلاث درجات في خُطوة واحدة، يُقبل على شقَّتهم المتواضعة، يجد الباب غير موصد، ينادي: أمي، أمي، يرتمي على الأريكة، تجوب عيناه المكانَ، تبرُق فيها فجأة تلك "المعلَّقة: شهادة التخرُّج الكبرى التي قلَّما ينظر إليها، وهي لأخيه المسافر بلاد الغرب"؛ للكَدِّ بها بعيدًا عمَّا درَس وتخرَّج فيه؛ إذ ذهَب لتلك البلاد خلسة دون عِلْم السلطات هنا وهناك، وعبر مراكب شراعيَّة تتقاذَفه الأمواج، دليله فيها مَن لا ضمائر لهم؛ ليَسلم مرة، ويُجرح مرات، يَصطدم فجأة بالواقع المرير، تذوب الفرحة التي أثْلَجَت صدرَه؛ لتصير مجرَّد تلطيف سَرعان ما ينتهي.
تنادي أُمُّه من داخل المطبخ: التقدير العام؟
أحمد بهدوء شديدٍ: مثل أخي......... | |
|