بين ضفتين يانعتان لنهر مياد يدعى نهر الوئام انساب مائه العذب الكوثري كالسلاسل الذهبية تحت جبين الأصيل الهامس بين السكون الخاشع العازف بأنامله الخفية على جريد النخيل الباثقات المتهادية رحى كفوفها على أنفاس النسيم الفواح تحت أجنحة الطير الصفات المسبحات أنشودة "كل جمال لا محال سيدركه الأصيل إلا جمال الرب الجليل" فسرى مائه في تواضع ووقار يتلو صفحات من الفن والجمال وينثر على جانبيه كل ما تشتهى النفس ويجول بالخيال فكان شريان الحياة النابض بأرض سنستان ارض الشمس المشرقة خلق منها دفتين دفعة بمركب حياة زاخرة رتعت وامتطت صهوته للأمام وارتقى بها إلى عين الجمال حتى تعالى نورها الوضاء وملئ سحرها الأصداء وقدر العليم القدير أن يستقر بهذا المكان الفريد رجل يدعى اخيل وزوجته فينوس فرا من واديهم تاركين أهليهم خوفا من بطش ملك غشوم أصابه عرشه الخاضع له في زل واستسلام بداء عضال مرض الاستئثار والأنانية وحب الذات
يقال عندما كان عائد ذات يوم بانتصار عظيم انتزعه من أعدائه دخل المدينة من باب الأسواق يستعرض هيبته ويجلى عظمته وقد طاف حوله موكبه الكوكبي سقط بصره جريح وقلبه ذبيح على وجه بائعة الجبن احد فقيرات المدينة وكانت فاتنة الجمال فلم يدرك الفرق بين جبن بين يديها للبيع والشراء وشرف تعيش من اجل الحفاظ عليه
عاد الملك إلى قصره مهموم حزين وبعد صمت طويل تسألا قائلا كيف تكون هذه الجميلة مملكة لحطاب فقير بأس فأشار عليه احد رجاله بان يهب زوجها قصر في أطراف المدينة مقابل طلاقها أو يرسل له من يلقى به في غياهب سجون القلعة فلا يعلم بأمره احد
استطاب الملك المشورة وأرسل من يساومه سقط قلب الحطاب في أمعائه وقضى يومه في دهشة وذهول يتقطع كما يقطع بفأسه الحطب يسأل خلده ماذا يفعل حيال هذا الطاغية وأي قوة لديه تجدي أمام باطش خضعت له رقاب ملوك عظام أحاط به القلق وخيم عليه الحزن وشابة وجهه البشوش لأول مرة منذ أن تذوق طعم الحياة سحابة سوداء فضحت سره أمام زوجته الجميلة فاخبرها بهمه وغمه
بكت وجرت ناحية مصباح خافت لتشعل في نفسها النار
نهرها زوجها خوفا عليها وطوقها بزراعيه بشهقة عصفت به كرياح الخريف ونظرا إليها في عطف وانكسار قائلا أتقتلين نفسك ولمن أعيش بعدك أتريدين أخسرك مرتين بالأرض والسماء
فقالت الزوجة وهى تبكى كطفل صغير النار أهون على من أن يشاركك في أخر
فقال الزوج إن كان ملك الملك عظيم فملك الله أعظم
ثم نظر إلى زوجته وكائنه ينتوى أمر وأسرع ناحية موقد الكوخ وأشعل نار كبيرة تصاعد منها دخان كسحاب ثم وضع قدر ملئ بالماء وانتظر حتى ضج غليانه
فقال الزوج لزوجته وقد احضر جوال من الصوف ادخلي في هذا
فأطاعت دون نقاش فربط الجوال ووضعه على حماره ووضع عليه بعض الأخشاب الخفيفة وخرج بهما جميعا أمام أعين بعض رجال الملك الذين وقفوا يراقبون كوخ الحطاب من بعيد امتثال لأمر الملك لمنعه من الهرب
وما ان سار قليلا حتى اعترض طريقة احد الجنود قائلا ما هذا الذى بالجوال
فقال الحطاب ساخرا زوجتي
فقال الجندي لزميلة أاهتبل الرجل ام حقا زوجته بالجوال
فقال له زميلة لقد اهتبلت أنت زوجته بالكوخ ألا ترى دخان يتصاعد وتسمع قدر يفور
سار الحطاب بحماره ناحية السوق ليضلل من سار خلفه من جند الملك وفرش بضاعته وانزل جوالة ونادي على سلعته فطمئن جند الملك فمكثوا بعيدا
وبعد ساعة خرج الحطاب كعادته من باب المدينة دون أن يعترضه احد فالجميع يعرف انه حطاب ويحتطب خارج أسوار المدينة واعتادوا رؤية جوالة وحماره
وما أن قذفته أسوار المدينة خارجها ابتلعته الغابة الكثيفة
انزل الجوال على مهل وفتحه بسرعة فأخرج زوجته واخذ يتفقد وجهها بكفيه وعينيه وفمه وحمد الله وانطلق في الغابة واخذ يتستر بظلال الأغصان تارة و بجناح الليل الخائف تارة أخرى فتقاذفتهما الجداول ودروب الأشجار حتى تواريا في كبد الغابة المترامية الأطراف وبعد ركد وسير استمر شهور جلس قرب جدول تحت ظلال الأشجار المتشابكة وقد اخذ برأس زوجته تحت زراعه برفق ونثر شعرها الذهبي على وجهه الباهت من التعب واخذ يشعرها بالأمان وبينما هم على هذا الحال هاجمهم دب ضخم وبينما يتخذ الدب وضع هجوم قذف الحطاب بزوجته فوق غصن شجره و ستلا سكينه وفأسه فضربة في مقتل بعد صراع عنيف
فقال لزوجته مبتسما بعد أن هوت عليه تتفقد جروحه لا تخافي حبيبتي كثير من الوحوش اقل خبث وشر من إنسان نسى أدميته
فقالت الزوجة أأخاف وأنا بجوارك وتحت زراعك يا صائد الدببة
فقال الزوج ما رأيك أن تطهى لنا وجبة شهية من لحم هذا الدب
ماعت نفس فينوس وتقيئت فوضع زوجها كفه على فمها برفق وتبسم قائلا يبدو انك ستوحمين على لحم دب أخر قريبا حبيبتي
لم يستطيع الاثنان كبح رغبتهم فى نزول ماء الجدول للاغتسال من عناء الأيام الماضية وبعد ساعات من لعب وحب تبدل خوفهم بأمان وأظلتهم السكينة والمودة والاطمئنان فقضوا حياتهم فى حب ورضاء وأيقنوا أن هذا مصيرهم فبنو كوخ صغير من الخشب والأغصان اقتطعوه يد بيد ليقيهم البرد والحر ومخالب الجوارح وأنياب الوحوش كان الاثنان يخرجان لصيد والجمع معا لا يخطو خطوة بالغابة اللامتناهية الا معا وبعد سنوات أمسو أسرة كبيره أب وأم واثني عشر ابن وثلاث بنات وبعد عمر مديد تزوج أبنائه من بنات قرية عثروا عليها صدفة بين أشجار الغابة خالطوا أهلها وذاقوا سماحتهم وارتو من وطيبتهم
وبعد سنوات رحل أخيل وفينوس بعد أن اقر الله عيونهم بأحفادهم وأبناء أحفادهم الذين ملؤا الغابة وزاحموا وحوشها فتغلبوا عليهم وبمرور الزمن تزايد أبناء أخيل حتى أضحوا فرسان ومقاتلين ورغم ان أخيل زرع فيهم القيم والحب والسلام أكرهتهم الغابة على فعل ما لم يجب ان يفعل فأغاروا على التجمعات التي حطت رحالها حولهم وفرضوا سلطانهم عليها وتحولت أكواخهم لقرية كبيرة ثم ارتقت بأحفادهم فأمست مدينة وبمرور الزمن ألقت بسلطانها على من حولها قلب وقالب
فتعقدت مصالحهم وتعددت غايتهم وبسوق المدينة تجمع أعيانها وكبارها واتفقوا على اختيار واحد منهم قائم عليهم يدير شئونهم ويقضى بينهم وقائم على مصالحهم وقائد لهم يهبه كل واحد منهم اشد أبنائه وأقواهم كجنود تحت قيادته بشرط أن يكون عادل وشجاع وحكيم
أيام من الحوار ووقع الاختيار على رجل يدعى البركليس تجمعت فيه صفات جمة فتوسط كوخه المتواضع أكواخهم وراح يقضى نهاره يفصل بينهم تارة ويقودهم في حملاته على القرى المجاورة لمدينتهم وملكهم تارة أخرى ويقضى ليله ساهر لحمايتهم مقابل اجر زهيد
وبمرور الزمن أصبح القائم نظام متبع وأصبح اختياره محصور في أبناء وأحفاد البركليس وبمرور الزمن انتهى الاختيار وأصبح القائم يلقب بالملك ومسئوليته عن المدينة تورث لأكبر أبنائه ومن هنا نشب الصراع بين الاخوه وأبناء العم فتغير النظام وأصبح الملك لأكبر أبناء الملك فذادت الأمور تعقيد وسقط ضحيت ذلك الكثير
وبمرور الزمن جلس على العرش من لا يستحق وتغلب الهوى على الملوك فيشدو لأنفسهم قصور تعلو أكواخ أبناء المدينة وحاطوا أنفسهم بالجنود وغالوا في جمع الأموال لقضاء حوائجهم فزمجر البعض وعارض وبمرور الزمن على وتصاعد فظن الملوك أن السياط هي الحل ولدواء فتقسمت المدينة إلى أحياء واخذ كل حي أهله وانطلق في اتجاه فكانوا صيد سهل في يد الحاقدين عليهم والأعداء فتبنوا شريعة الغاب وارتدوا ثوب الظلام الحالك وبسطوا ظله على أعين أتباعهم وقال كل منهم لشعبه وجنده بصوت ذئوب من لا يرتضى لنفسه ان يكون ذئب يسفك الدماء فيستلذ بلعقها فليكن خروف ينتظر نهش أوصاله من أخر اتخذ مجلسة ولينتظر موت سيدركه اليوم او غدا وليموت حتى يأتيه موته ألف مره فكانت الطاعة العمياء الموروثة والمتربعة على نفوس أتباعهم هي الجواب ولكي يحيطوا أنفسهم بحماية قوية وضعوا أنفسهم في هالة قدسيه فمنهم من اله نفسه ومنهم من قال انه وسيط بينه وبين الإله ومنهم من قال انه مختار من قبل الإله ومنهم من ظل على حالة فنخرط العقد المنظوم وتناثر البيض المكنون وعصف بالجميع الهلاك فتساقطوا كأوراق شجر أدركه الخريف ونسو أنهم أبناء أخيل وفينوس
ومن بين هذه الممالك المتناحرة نأت بنفسها عن وادي الفناء مملكة أحلام الخلود احد الممالك العظمة التي شيدا صروحها شعب التخليد في غفلة من الآخرين وهم احد الشعوب العريقة التي تنتمي لرجل محارب عظيم يدعى اخليديس ابن البركليس اول ملوك بنى أخيل الكبير سكن عندما كان أبيه ملك بأبنائه سهول ارض سنستان الشرقيه وبمرور الزمن أصبح لقب أبنائه الاخليد او شعب التخليد فشيد مملكة أحلام الخلود فذاع صيتها وسرى في كل الأرجاء فوق الأرض وتحت السماء فعلى نجمها واستدار قمرها كبدر تمام يرفل متألق متهلل تحت جناح الدجى الذي ضرب بجذوره في قلوب وعقول الكثير من الشعوب مملكة الاخليد فأضحت لؤلؤة في زمن عقمت فيه الأصداف
تراقصت على ربوعها الخضراء الرحيبة الظبا والغزلان كالجواري الحسان وتغنت الأغصان اليانعة بحيفها عند حشرجة الثعالب ومواء القطط وقفز الأرانب وحلق بجوها الصافي الوضاء أسراب طيرا تنثر السلام فاستيقظت على بريقها الأخاذ وسحرها الممتاز وجمالها الفتان مملكة سالي ستان والنجوان سن أبنائها القوانين واستدعوا روحها وابتدعوا النظم والنظام أمنوا بالقيم وبحثوا في أصلها
واعتقدوا في وجود النفس الترابية والروح الإلهية وقالوا الانسان مفطور على الطهر والنقاء ملهم الفجور والتقوى فعليه الاختيار فسعوا في دنياهم يرجوا من الإله رضاه
وبشرفة القصر الملكي الباهر قصر الأنوار والتي تطل كل أحياء المدينة من برج مرمري شامخ جثي الملك باسط كفيه نحو السماء في تضرع وخشوع ينادى رب عظيم لا يعبد سواه فجرت أموره في أعنتها كفلك ماخره لا تبالي بأمواج هادرة فطل شعب عظيم وهلا حتى أمس الجمال له ظلا فأضحت أسطورة أزمانها وعجيبة أيامها فحدثت نفسها العقول في ذهول حائرة لأي العصور ارتحلت إليها النواظرا أيكون لكسرى هذا الإيوان الزاهي ام عرش الخليفة ام بلاط قيصرا اسبقوا الزمان فظفروا بغدً ام اسري نحن لطلاسم ساحره لما بدا لهم صرحها شامخ حجب النجوم وبدا كشمس مسفره كل فرد طاف يؤدى دوره كوكب في مدارها ماخره سمى بنفسه حتى أنكر ذاته في زمن ظن إنكار الذات مقامرة
وتعاقب الملوك حتى أتموا الثلاثون ملك وذات يوم كان الملك جالس في مقصورته التى تشرف على ميدان الحشود والجند يحتفل بانتصاراته العظيمة على مملكة ساليستان فنظر إلى جيشه الجرار فأخذته العزة وركبه الغرور فجمع مجلس الحرب وأعلن انه سيفتح بلاد الأدغال فقال له مستشار والده بصوت واهن وكان رجل طاعن السن امتص الزمان رطبه وترك يابسة
أرى يا مولاي جمع شتات أبناء أخيل والقضاء على الباغيين منهم هو الأفضل لن في وحدتهم بسلام أو السيف بقاء لهم وتفرقهم فناء لنا ولهم
فقال الملك بسخرية أتريدني ملك على هؤلاء البؤساء الصعاليك والمتناحرون بئس المشورة والمستشار لا سأفتح بلاد الأدغال حيث مناجم الذهب والعاج واجعل من مملكتي إمبراطورية عظيمة تتربع على ضفتي نهر الوئام
فقال له ابنه وولى عهده ولم يبلغ الثامنة عشر حينها أبى ومولاي انها ارض مجهولة لنا بعيدة عنا
فقال الملك وهذه مهمتك يا ولى العهد والملك المرتقب اجمع ما يلزمنا
فقال الأمير أبى ومولاي أنت تعرف أن اختلاف ثقافتنا ولغتنا وعادتنا وتقاليدنا وديننا عنهم لن يساعدنا في احتواء أرضهم
فقال الملك سننتصر وسنفرض نظمنا وقوانيننا حتى يضحوا مثلنا ولنا
فقال قائد جيوشه نعم يا مولاي ولدينا من الجيوش ما يحجب عنهم الشمس وينتزع منهم غدا وأمس
فقال رئيس وزرائه ولكنك تعلم يا مولاي عدم تحمس مجلس العائلة الملكية المقدسة لدعم هذه الحملة
فقال الملك لا سيدعمنا عندما نضعه عندما يرى ما نحن عليه من عزم وهمه
فقال ابنه يا مولاي بطرق الحديد يلين واخشي ما يواجهنا من متاعب يثبط همة الجنود
فقال الملك لم يثبط همة جنودي الا هذا الخوف القابع بقلوبكم
فقال مستشاره والده يا بني ومولاي العظيم هؤلاء بنى اخيل قومك ومن أراد الحكم فليحكم نفسه فان أتم فأهله فان أتم فهو راعى
فقال الملك لقد اتخذت قراري
وفى صباح يوم مشرق خرج الملك يرتدى زيه الحربي على رأس جيشه العرمرم لا يسمع الا صوته ولا يرى إلا نفسه وبعد أيام من مسير متواصل استراح الجيش قرب مشارف ارض الأدغال وأرسل عيونه لجمع الأخبار والمعلومات
وبعد أيام عادوا له بمعلومات تفرض عليه العودة وإلا يلقى بنفسه في أتون لن يبقى ولن يزر إلا انه عاند وكابر فعليه انشق الكثير وتآمر
وبعد معارك ضارية أنجبت انتصارات هزيلة أذاع انه نال انتصارات مبينه وضعته على طريق أبواب عاصمة الأدغال
أربع سنوات استنزف فيها موارد المملكة وابتلعت فيهما أفواه المنايا زهور شبابها فلم يستطع ابنه ان يظل صامتا عاجز فكشف سره لمجلس العائلة الملكية المقدسة المعقب على تصرفات الملك وقال لابيه لابد ان تنسحب يا أبى لقد فشلنا في تحقيق انتصار عظيم نفتح به بلاد الأدغال كفانا استهزاء بعقول أبناء شعوبنا الذين ضحوا لأجلنا بكل شئ ولم يبخلوا علينا حتى بحياة أبنائهم
فقال الملك نادما دامع العين كيف انسحب يا بني ماذا أقول لشعبي أقول لهم أتيت لكم بذل والعار لقد نال منى الغرور ذات يوم وأضلني السبيل
فقال الأمير لا نعود إلى مملكتنا فنسهر على راحة أبنائها ونجمع شتات قومنا بنى اخيل
سماع صوت ابنه وعزم على العودة إلى مملكة أحلام الخلود بعد هزيمة منكره لم تبقى من جيشه أكثر من العشر
إلا أن مجلس العائلة الملكية المقدسة نهر الملك ووصمه بالعار وقال له أتعود بعشر جيشك بعد أربعة سنوات استنزفت خلالها ثروات البلاد لن نطرح ميزانية أخرى لتبددها استمر فيما سرت فيه واخترت لنفسك
أشفق الأمير على والده وهو يراه لأول مرت منذ ان اعتاد رؤيته ضعيف وهان وقال له هون عليك يا أبى ومولاي كم من فئة قليلة هزمت فئة كبيرة
فقال الملك لابنه لقد وصلني كتاب يا بنى من مجلس العائلة الملكية المقدسة ينهرني فيه ويصم تصرفاتي بالعار والحماقة ولست ادري ماذا افعل وأنت تعلم ان سلطة المجلس سلطة ابويه انتهاكها عقوق
فقال الأمير لما لا نلتف يا أبى بما لدينا من قوات دون علم المجلس ونجمع شتات بنى أخيل وعندما يروا حسن صنيعنا يصفحوا عنا
فقال الملك قضى الأمر وانتهى يا بنى وفات أوان هذا الرأي
وأمام هزائم متتالية أصيب الجيش بذهول فثار البعض ونشبت حروب داخليه وانقسمت جيوش المملكة الى مؤيد لاستمرار الحرب على بلاد الأدغال وأخر يدعو لجمع شتات أبناء أخيل وثالث فقد الثقة بكل شئ بهتت القيم وتبدلت المشاعر وتغيرت الأهداف ووهنت المبادئ وعاش الملك يتجرع كؤس هزيمته وندمه وتراقصت نفوس الحاقدين طرب على أحزان الملك المغرور والذي أصابه الحزن بالمرض والوهن وعبث بملامحه الفتيه فتخطى به الستون خريف وهو مازال لم يطرق أبواب الأربعين من عمره تبدلت ملامحه وشاخ فشاخت مملكته ودقت نواطيس الخطر
سعى الملك لإرضاء شعبه ومصالحته رغم انشغاله بمعارك تقترب كل يوم من أسوار أحلام الخلود أكثر فأشعل شعلة السلام ولكنه كان سلام الضعفاء الذي أعلن به استسلامه واستسلام شعبه فهوة علي ملكة كل النفوس الجائرة ولم تدع مدنه الا وخائرة اقتحم الأعداء مملكته فدمروا أسوارها المنيعة وقتلوا رجالها قتلة شنيعة واسترقوا أطفالها وسبوا نسائها عبثوا بكل شى مقدساتها وكنوزها وعلومها إلا أن القدر قدر لابن الملك الحياة بعد أن عاف الغزاة قتله وتركوه يموت بحسرته بعد ان جردوه من كل شئ حتى رجولته
جلس الأمير قرب جزع شجرت قرب سفح الجبل لطالما جلس بظلها بالأمس ينظر الى بهاء مملكتهم جلس يرثى مجدهم الزائل وعرشهم الخائر يقول يا ليت ويا ليت وقد شاركه أحزانه نعق البوم ونواح اليمام
كان دوام الحال من المحال نسى الشعب حقوقه وواجباته فنسى الفرد وهو الحاكم ما له والتزاماته وخرقة السفينة بفعل فرد لم يضرب على يده فاستيقظ الجميع على كابوس مفجع أطلال مملكة أحلام الخلود
الإثنين يناير 14, 2019 9:51 am من طرف 
موضوع: احلام الخلود 