شجر العطش عند سلوى صلاح
********************
في الوقت الذي مّلت فيه أقلام الكبار من الكتابة و النقد لأعمال فئةٍ معينةٍ من الأدباء ،
ما زلنا نصرخ بأقلامنا التي لا تمل أبداً مطالبين بالنظر بعين العطف لأدباء شبان ينتجون و يُعْجَنُون بماء الأدب
مثل الشاعرة" سلوى صلاح"
التي أخرجت ديوانها الثاني " شجر العطش " بمجهودها الذاتي رغم انخراطها في النشاط الأدبي .
*********************
تعالج الشاعرة في "شجر العطش " - والذي يحتوي ثمانيَ و ثلاثين قصيدة- قضية ظمأ الروح الدائم للعشق الإنساني بمفهومه الذاتي و العام . و تسوق لفكرتها جنودها من الكلمات و الألفاظ و التي تلبسهم أبهى الحلل و الصور الشعرية للتأهب لغزو الحبيب في أي وقت شاءت مستخدمة رباط الدم و الوريد و النبض الذي يوثقها بوثاق الحب الأبدي، كوصفها حالة التوحد في " مد أيديك"
******************
أوصف لي روشتة تقويني
2 سنتي بلازمة حب
واحد سنتي صفايح طيبة قلب .
***************
وتراها في " انتظار" تناجي الأمل التائه بين اليقين و السراب في لحظة عطشٍ و عشقٍ نفسيةٍ حين تقول
**************
لبست توب فرحي
ا للي ما عيدش لسه
وبعطور الياسمين جمّلت نفسي
و انتظرتك
*************
وتأبى روح العشق أن تفارق الشاعرة فتراها و هي العطشى للحب تبني صروحاً للعشق و هي من تدعو الحبيب لهذه الحياة و كأنه في حالة عصيان دائمة للواقع المرير فتقول في "
بعد الغياب"
وتهرب دموع الشقا و الغياب
و تنزل على الأرض شايلة السكينة
تاخدنا المدينة اللي كانت حزينة
تمدد فروعها و تمسح دموعها .
**************
وتسيطر الغنائية على سماء الديوان لارتباط العطش النفسي بالاحتياج العاطفي الذي يغسل ألفاظ الديوان بماء العشق و ترسمها ريشة أنثى عاشقة، كقصائد " علشان عشاق " و" أيوه يا عيوني" و غيرهما .
**************
و رغم طوفان المشاعر الذي يجتاح جدب الصور ليسقيها و يغمرها بحلاوة التذوق الجميل إلا أن الشاعرة تهدم صورة الأنثى الضعيفة التي تُذَلْ كرامتها،فتعلن التمرد و العصيان على من تحب لتثبت أن العشق قوةٌ و لو قوة تحملٍ فقط حين تقول في مناجاة نفسية رائعة
***************
خليك يا قلبي حمل الخداع
قد الوداع
هو اللي باع.
***************
و تراها تبكي على أطلال حبها حتى تستسلم لقدر الحزن النابت فيها في تناقض للحالة السابقة حين تقول:
**************
مزروع يا ضلام الليل فيّ
من صغري محني لياليّ
***************
و يستمر العطش الروحي قائداً داخل الديوان حتى ليلقي بظلاله
وإسقاطاته على القصائد لترصد الشاعرة بكل شفافية و صدق حالة التخاذل العربي المهين حين تقول :
***************
و نهّد قبر السكوت
خشب ، حيطان ، بيبان
تعلى القلوب بالدعا
لأجل الحقيقة تبان .
***************
و رغم مباشرةاللفظ الذي يأتي بهيئته صادماً للمتلقى دون حيلةٍ تثير الذهن إلا أنها مباشرة الواقع المؤلم و التصوير الفج لقضايا العصر حتى لترى أغلب القصائد تعلو بفيض صورها لترتقي سلم التركيب لتعبر عن حالة الخرس الجماعي للشعوب كقولها في " رحاية الحكايات "
**************
الدمع الميت من عيني ينزل فتافيت
يروي شراقي الملاحات
المسكونة بالبوص العالي
المتضفر بجدور الأرض الحزنانة .
************
حتى ترتفع الشاعرة بارتكازها على لعبة "المعادل الموضوعي" للأحداث الجارية
في" الدود سرح" فتقول :
*************
الدود سرح بين العيدان
جوّه الغيطان الخُضر
عشش عنكبوت
أم العناكب ع البيبان.
************
و يستمرعطش شجر الشاعرة لثورة النفوس العربية الصامتة بقولها :
ملعون سكا تك يا سكات
جوه الحلوق
لازم نفوق
لازم نفوق .
_______________
فاتن شوقى .